اريك دافيس:
العراق، الكثير من السلطة والقليل من الذاكرة
جورج جحا
بيروت 18 مارس آذار (رويترز) - يطرح اريك دافيس استاذ العلوم السياسية ومدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة رتجرز في كاليفورنيا في كتابه عن العراق الحديث ما يسميه مسألة العلاقة بين سلطة الدولة والذاكرة التاريخية.
ويرى الباحث الامريكي ان الذاكرة التاريخية في المجتمعات الديمقراطية تهدف الى تشجيع الاندماج الثقافي والمشاركة السياسية لا الى ما يسميه سعيا الى استعمال الماضي لتشويه سمعة الدول الاخرى وهو ما تسعى اليه دول من اجل تقوية سلطتها.
كتاب اريك دافيس حمل عنوان "مذكرات دولة .. السياسية والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث". وقد ترجم حاتم عبد الهادي الكتاب من الانجليزية الى العربية.
الكتاب الصقيل الغلاف الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر جاء في 455 صفحة كبيرة القطع مع ملحق صور. اما محتويات الكتاب فقد جاءت عناوينها بعد الاهداء والمقدمة على الشكل التالي.. "تشكيل النخبة الثقافية العراقية والذاكرة التاريخية" و"النزعة الوطنية والذاكرة وانحدار الدولة الملكية" و"الذاكرة والنخبة الثقافية وتناقضات المجتمع المدني 1945- 1958" و"المحنة ثورة 14 يوليو تموز في 1958 والصراع على الذاكرة التاريخية" و"سطوع نجم ذاكرة الدولة 1968-1979" و"افول ذاكرة الدولة 1979-1990" و"ذاكرة الدولة وفنون المقاومة" و" ذاكرة دولة ام ذاكرة شعب؟" و"العراق بعد حرب الخليج" فضلا عن "خاتمة" وملحق ميثاق 91".
يعتمد دافيس الفكرة التي تقول ان الذاكرة التاريخية يمكن التعريف بها على انها "التصورات الجماعية التي تشترك بها مجموعة بشرية معينة بصدد احداث وقعت في الماضي الذي يدرك على انه قد شكل هويتها ووضعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي المعاصرين. ومع ان الذاكرة الجماعية والذاكرة الاجتماعية قد جرى استخدامهما بدلا من الذاكرة التاريخية الا ان المصطلح الاول يستدعي الافكار اليونجية (نسبة الى عالم النفس السويسري كارل جوستاف يونج) بصدد الشعور الجمعي الذي لا علاقة له بهذه الدراسة.
"بينما لا يوصل الثاني العمق التاريخي الذي سعت الدولة البعثية الى ايصاله في توظيفاتها السياسية للماضي... وعلى الرغم من احياء الدولة البعثية لذكرى الاحداث المعاصرة نسبيا مثل... الحرب العربية الاسرائيلية في 1948 و"ثورتها" في 17-30 تموز يوليو 1968 غير ان هذه الدولة قد ركزت بشكل اساسي على حقبة ما قبل الحداثة وخصوصا فترة الامبراطورية العباسية وحضارة بلاد ما بين النهرين القديمة والمجتمع العربي في العصر الجاهلي او في حقبة ما قبل الاسلام."
ويزعم دافيس ان السبب الاخر الذي "لا يمكن معه رد الذاكرة التاريخية لا الى الذاكرة الجماعية ولا الى الذاكرة الاجتماعية.. يعود الى انها مكون عضوي من مكونات اي مشروع للهيمنة وينبغي ادراكها سياسيا."
ورأى ان "الذاكرة التاريخية الخاضعة لرقابة الدول" تختلف عن الذاكرة الاجتماعية "على نحو حاسم آخر.. ففي العادة يؤدي انتهاك الذاكرة الرسمية الى وقوع المواطنين الذين يرفضون اتباع خطى الاتجاه الرسمي... تحت طائلة العقوبات."
وفي رأيه ان المثقفين يلعبون "دورا رئيسيا في انتاج الذاكرة التاريخية الخاضعة لرقابة الدول ورعايتها إما من خلال انتاجهم الثقافي او من خلال تشفير الانتاج الثقافي القائم بالطرق المرغوبة سياسيا... ومن خلال العديد من الطرق الفاعلة يتكامل كل من الانتاج الثقافي وكتابة التاريخ الخاضعين للرقابة الرسمية مع استخدام الدولة للعنف حيث تسعى النخب المهيمنة عن طريق استغلالها لمحتوى الذاكرة التاريخية المسيسة الى منح الامتيازات لتلك الفئات التي تناصرها..."
وقال "لذا تستعمل النخب السياسية في الدول التسلطية الذاكرة التاريخية الخاضعة للرقابة الرسمية من اجل تعزيز مشاعر الارتياب ( بارانويا) والخوف المرضي من الاخرين وانعدام الثقة..."
وهو يرى انه "في المجتمع الديمقراطي تكون الذاكرة التاريخية مصممة للتشجيع على الاندماج الثقافي والمشاركة السياسية ولا يحتاج تأويل الدولة للماضي الى تشويه سمعة الدول الاخرى كي يسود..."
واستخلص الكاتب في ختام كتابه ان كل الدول تحتاج الى "قبول واذعان المحكومين لكي تحكم وتؤمن النظام العام. ومن الثابت ايضا ان الدولة تسيطر عليها النخب التي تسعى الى استغلالها لتعزيز سلطتها ووضعها السياسي والاقتصادي. وبما ان استعمال القوة لا يمثل وسيلة كفؤة للحكم فإن كل الدول تسعى الى ارساء الهيمنة والانخراط في ما افضل ان اسميه بالمشروع الهيمني."
وعنده ان هناك عدة دوافع لارساء الهيمنة اولها ان الدولة تسعى الى "تعميم مصالحها لتبدو وكأنها مصالح الشعب ايضا... واذا تمكن اولئك الذين يسيطرون على الدولة من اقناع عدد كبير من السكان بأن مصالح النخبة والجماهير متوافقة بعضها مع بعض فإن سياسات هذه الدولة ستكون مقبولة حينئذ على نطاق واسع..."
وتحدث عن دافع اخر من تلك الدوافع المختلفة وقال انه يرتبط بالاول هو "ان المشروع الهيمني يشتمل على محاولة الدولة لاقناع الاهالي بان توصيفها للمجتمع السياسي والصالح العام يشكلان الوضع الطبيعي للامور."
جورج جحا
Link to original review at Alefyaa here
ويرى الباحث الامريكي ان الذاكرة التاريخية في المجتمعات الديمقراطية تهدف الى تشجيع الاندماج الثقافي والمشاركة السياسية لا الى ما يسميه سعيا الى استعمال الماضي لتشويه سمعة الدول الاخرى وهو ما تسعى اليه دول من اجل تقوية سلطتها.
كتاب اريك دافيس حمل عنوان "مذكرات دولة .. السياسية والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث". وقد ترجم حاتم عبد الهادي الكتاب من الانجليزية الى العربية.
الكتاب الصقيل الغلاف الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر جاء في 455 صفحة كبيرة القطع مع ملحق صور. اما محتويات الكتاب فقد جاءت عناوينها بعد الاهداء والمقدمة على الشكل التالي.. "تشكيل النخبة الثقافية العراقية والذاكرة التاريخية" و"النزعة الوطنية والذاكرة وانحدار الدولة الملكية" و"الذاكرة والنخبة الثقافية وتناقضات المجتمع المدني 1945- 1958" و"المحنة ثورة 14 يوليو تموز في 1958 والصراع على الذاكرة التاريخية" و"سطوع نجم ذاكرة الدولة 1968-1979" و"افول ذاكرة الدولة 1979-1990" و"ذاكرة الدولة وفنون المقاومة" و" ذاكرة دولة ام ذاكرة شعب؟" و"العراق بعد حرب الخليج" فضلا عن "خاتمة" وملحق ميثاق 91".
يعتمد دافيس الفكرة التي تقول ان الذاكرة التاريخية يمكن التعريف بها على انها "التصورات الجماعية التي تشترك بها مجموعة بشرية معينة بصدد احداث وقعت في الماضي الذي يدرك على انه قد شكل هويتها ووضعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي المعاصرين. ومع ان الذاكرة الجماعية والذاكرة الاجتماعية قد جرى استخدامهما بدلا من الذاكرة التاريخية الا ان المصطلح الاول يستدعي الافكار اليونجية (نسبة الى عالم النفس السويسري كارل جوستاف يونج) بصدد الشعور الجمعي الذي لا علاقة له بهذه الدراسة.
"بينما لا يوصل الثاني العمق التاريخي الذي سعت الدولة البعثية الى ايصاله في توظيفاتها السياسية للماضي... وعلى الرغم من احياء الدولة البعثية لذكرى الاحداث المعاصرة نسبيا مثل... الحرب العربية الاسرائيلية في 1948 و"ثورتها" في 17-30 تموز يوليو 1968 غير ان هذه الدولة قد ركزت بشكل اساسي على حقبة ما قبل الحداثة وخصوصا فترة الامبراطورية العباسية وحضارة بلاد ما بين النهرين القديمة والمجتمع العربي في العصر الجاهلي او في حقبة ما قبل الاسلام."
ويزعم دافيس ان السبب الاخر الذي "لا يمكن معه رد الذاكرة التاريخية لا الى الذاكرة الجماعية ولا الى الذاكرة الاجتماعية.. يعود الى انها مكون عضوي من مكونات اي مشروع للهيمنة وينبغي ادراكها سياسيا."
ورأى ان "الذاكرة التاريخية الخاضعة لرقابة الدول" تختلف عن الذاكرة الاجتماعية "على نحو حاسم آخر.. ففي العادة يؤدي انتهاك الذاكرة الرسمية الى وقوع المواطنين الذين يرفضون اتباع خطى الاتجاه الرسمي... تحت طائلة العقوبات."
وفي رأيه ان المثقفين يلعبون "دورا رئيسيا في انتاج الذاكرة التاريخية الخاضعة لرقابة الدول ورعايتها إما من خلال انتاجهم الثقافي او من خلال تشفير الانتاج الثقافي القائم بالطرق المرغوبة سياسيا... ومن خلال العديد من الطرق الفاعلة يتكامل كل من الانتاج الثقافي وكتابة التاريخ الخاضعين للرقابة الرسمية مع استخدام الدولة للعنف حيث تسعى النخب المهيمنة عن طريق استغلالها لمحتوى الذاكرة التاريخية المسيسة الى منح الامتيازات لتلك الفئات التي تناصرها..."
وقال "لذا تستعمل النخب السياسية في الدول التسلطية الذاكرة التاريخية الخاضعة للرقابة الرسمية من اجل تعزيز مشاعر الارتياب ( بارانويا) والخوف المرضي من الاخرين وانعدام الثقة..."
وهو يرى انه "في المجتمع الديمقراطي تكون الذاكرة التاريخية مصممة للتشجيع على الاندماج الثقافي والمشاركة السياسية ولا يحتاج تأويل الدولة للماضي الى تشويه سمعة الدول الاخرى كي يسود..."
واستخلص الكاتب في ختام كتابه ان كل الدول تحتاج الى "قبول واذعان المحكومين لكي تحكم وتؤمن النظام العام. ومن الثابت ايضا ان الدولة تسيطر عليها النخب التي تسعى الى استغلالها لتعزيز سلطتها ووضعها السياسي والاقتصادي. وبما ان استعمال القوة لا يمثل وسيلة كفؤة للحكم فإن كل الدول تسعى الى ارساء الهيمنة والانخراط في ما افضل ان اسميه بالمشروع الهيمني."
وعنده ان هناك عدة دوافع لارساء الهيمنة اولها ان الدولة تسعى الى "تعميم مصالحها لتبدو وكأنها مصالح الشعب ايضا... واذا تمكن اولئك الذين يسيطرون على الدولة من اقناع عدد كبير من السكان بأن مصالح النخبة والجماهير متوافقة بعضها مع بعض فإن سياسات هذه الدولة ستكون مقبولة حينئذ على نطاق واسع..."
وتحدث عن دافع اخر من تلك الدوافع المختلفة وقال انه يرتبط بالاول هو "ان المشروع الهيمني يشتمل على محاولة الدولة لاقناع الاهالي بان توصيفها للمجتمع السياسي والصالح العام يشكلان الوضع الطبيعي للامور."
جورج جحا
Link to original review at Alefyaa here
No comments:
Post a Comment