Thursday, April 7, 2011


Meaningful and Positive Secularism in Lebanon
Guest author: Lawyer John Nassif Soueid


لبنان وا لعلمانية الحقيقية أو الإجابية


إن ما يجري على الساحة اللبنانية من مظاهرات ولو محدودة، تدعو إلى تطبيق مبدأ العلمانية في مجتمع تسوده لا بل تتحكّم به الطائفية والمذهبية، أمر يدعو للتفائل.

بالامس سمعنا عن مظاهرات جابت شوارع مدن بيروت، وصيدا ومناطق عديدة من لبنان، كلها تنادي بالتخلّص من الانظمة الطائفية وبدء تطبيق النظام العلماني الحقيقي الذي يساوي بين المواطنين،والذي لا يتعارض مع الدين.
هذا وقد طرح موضوع العلمانية في وثائق السينودوس من اجل الشرق الاوسط في الفاتيكان لاول مرة في شهر تشرين الاول 2010 كحل جدّي لما يعاني منه أبناء الطوائف المسيحية في تلك المنطقة المجذرة بالطائفية.
وبالامس القريب ايضاً، صرّح غبطة البطريرك المنتخب مار بشارة بطرس الراعي،إثر انتخابه،بما مضمونه بان العلمانية قد تكون النظام الافضل للبنان، كونه لا يتعارض مع الدين إطلاقاً، لا بل على العكس يثبّت أسسه المبنية على العدل والحرية والمساوات لكافة أبناء الوطن الواحد، مهما كانت طوائفهم، ومعتقداتهم، باعتبار أن القوانين المدنية هي الصالحة للعلاقات بين المواطنين إلى اي مذهب او طائفة إنتموا دون اية تفرقة.
من جهة أخرى،لقد صرّح مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من على منبر صرح بكركي مركز البطريركية المارونية بما يدعو ايضاً الى التفائل وهو الاسراع في تحضير لاجتماع للمسلمين في بكركي للبحث في هذه الامور.
أما على المستوى السياسي، وبالرغم من أن النظام الطائفي مكرّس في الدستور، والقوانين، والاعراف، وعقليات بعض السياسيين المستفيدين من هذا النظام الطائفي. إلا أن البعض الاخر
جاهد وما زال يجاهد في سبيل تطبيق العلمانية، إيماناً منه أنها النظام الامثل للبنان.
نلاحظ أن موضوع الدولة العلمانية المدنية كان مطروحاً في الحقبة الاخيرة من القرن العشرين.
فعميدالكتلة الوطنية ريمون إده كان من اوائل الدعاة لهذا المشروع. فالعميد عارض مشروع
تقسيم لبنان إلى دويلات طائفية كما كان معروفاً بمشروع كيسنجر وآثر البقاء والعيش فيما كان
يسمى المنطقة الغربية حيث الغالبية المسلمة.
بعض الاحزاب اللبنانية حافظت على المبادىء العلمانية في دساتيرها. على الرغم من إشتراكها
في الحرب الطائفية البغيضة التي إجتاحت الوطن لاكثر من ثلاثين سنة. نذكر على سبيل المثال
لا الحصر، الحزب الشيوعي، والحزب القومي السوري الاجتماعي حيث أن اعضاء هذه الاحزاب تتكوّن من مجمل شرائح وطوائف ومذاهب الوطن.
يبقى أن الاكثر علمانية بين الاحزاب اللبنانية هو التيار الوطني الحر، الذي يقوده العماد ميشال عون. وهو مؤمن بان الخلاص للبنان يكمن في تطبيق مبادئ العلمانية وبشكل واع وهادئ،
لادخاله في ثقافة المواطنين، عوضاً عن النظام الطائفي الراسخ في النفوس منذ عهد الاستقلال.
ولم تكن وثيقة التوافق بين التيار الوطني الحر من جهة وحزب الله من جهة اخرى إلا في سبيل ذلك، على ان يتابع مع باقي الطوائف. أما في إنتخابات سنة 2009 فقد خاض التيار الوطني الحر هذه الانتخبات كما دوّن في كتابه المعنون"نحو الجمهورية الثالثة" ما يلي:
في الاهداف: تطبيق ما يرد في الدستور اللبناني من مواد تعزز الصفة المدنية للدولة اللبنانية.وتطويرها بمواد إضافية مكملة.
في الخطوات العملية: العمل على إقرار القانون المدني للاحوال الشخصية، ليطبق على جميع اللبنانيين دون إستثناء.
العمل على إلغاء الطائفية السياسية، بتشكيل هيئة وطنية لدراسة الطرق الكفيلة لتحقيق ذلك.
الحاق المحاكم الشرعية والروحية بوزارة العدل.
فطالما إن العلمنة هي الطريق الاسلم لصهر المواطنين في مجتمع واحد، يحفظ حقوقهم المدنية جميعاً دون تفرقة، وطالما أنه يزيد الولاء للوطن وليس للكيانات الطائفية، وطالما أنه يؤمن المساواة والحرية لجميع أبناء الوطن وشرائحه. وطالما أن العلمنة لا تتعارض ولا بشكل من الاشكال مع حرية المعتقد والدين. فيبقى دين الانسان ومعتقده وعلاقته بالخالق كما هو يؤمن. ويصبح دين الدولة أي نظمها هو العلمنة. ويصبح جميع أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات دون اية تفرقة.
لم يعد هناك سبباً يؤخّر تطبيق العلمنة في لبنان ويعرقل مسارها، فالكل يعاني، والكل ينتظر خطوات أيجابية وفعالة خاصة من السياسيين للنهوض بالوطن من بؤرة الطائفية.
كرة الثلج بدأت بالانحدار نأمل أن لا يعرقل انحدارها تدخلات خارجية كما هو حاصل في معظم الامور، والمواضيع الاخرى.
لا بدّ من الاشارة أخيراًإلى أنه صحيح ان معظم الاحزاب والتيارات السياسية بالمبدأ علمانية إلاّ انها في النظام الطائفي الحالي، تعمل بالعقلية الطائفية للحفاظ على مصالحها الذاتية ومصالح الطائفة التي تنتمي إليها وتمثلها، مما يؤخر ويعرقل مسار الوصول إلى العلمانية المبتغاة.
من هذا المنطلق،لا بدّ لهؤلاء الشباب المتحمّس للعلمانية من المثابرة على العمل الطويل والجاد
مع الاجيال الصاعدة في المدارس، ومن على شاشات التلفاز والفضائيات ، والمنابر، وبكافة الوسائل والمناهج التثقيفية والعلمية المتاحة لهم لغرس مبادئ العلمانية في النفوس.
المهم هو الثبات على المواقف والمثابرة على العمل، اقتداءً بقول الشاعر:
لا تقل قد ذهبت ايامه كل من سار على الدرب وصل


المراجع:
- نص وثيقة المؤتمر الكاثوليكي للكنائس الشرقية- حاضرة الفاتيكان في 10 تشرين الاول 2010
- نحو الجمهورية الثالثة – انتخابات 2009 change- 2009.com. -

المحامي جان ناصيف سويد

No comments: