Friday, October 14, 2011

جائزة نوبل للربيع العربي ممثلا في المرأة اليمنية

The article below, "The Nobel Peace Prize awarded to the Arab Spring is represented by a Yemeni Woman: Tawwakul Karman," was written by guest author, Dr. Abd al-Hamid Siyyam, and appeared in the Jerusalem newspaper, al-Quds,


ثلاثة هم الفائزون بجائزة نوبل للسلام: المرأة اليمنية المناضلة المجسدة في شخص السيدة توكل عبد السلام كرمان وباقة النساء المناضلات من



حولها في صفوف الثورة اليمنية من أمثال أروى عبده عثمان وسامية وفاطمة الأغبري وبشرى المقطري ونادرة عبد القدوس وهدى العطاس وناديا الكوكباني وسارة جمال وهند وآمنة النصيري ونبيلة الزبير وأسوان عثمان ومنى لقمان وسعاد عطا وأروى أحمد عون ، وأمل الباشا ومها البريهي وأروى الخطابي ووفاء الأكحلي، والفائز الثاني هو الربيع العربي ممثلا في ثورة اليمن العظيمة التي حافظت على سلميتها رغم استفزازات النظام الدموي المتآكل، والفائز الثالث هو المرأة العربية المناضلة بشكل عام من جميلة بوحيرد إلى الشهيدة ليلي السرميني ابنة ال 45 ربيعا والتي سقطت يوم الرابع من هذا الشهر برصاص القتلة من أتباع النظام الدموي في سوريا في بلدة تلبيسة قرب حمص أمام عيون الكاميرا ومن بعدها أمام عيون العالم.

توكل عبد السلام كرمان إمرأة تجسد أمة ناهضة تتململ بعد غياب طويل صنعه أعداء الأمة ووكلاؤهم المحليون وهي على وشك أن تكسر الأغلال وتطيح بالطغاة واحدا بعد الآخر. أمة ستضع الآن تاجا من الغار على جبين توكل الطاهر الشريف ابنة اليمن السعيد الواعد بإنجاب المزيد من المناضلات. لقد شرفت توكل كل الرجال والنساء والشباب والشابات العرب من الغلابى والمضطهدين والعاطلين عن العمل والباحثين عن لقمة عيش وجرعة كرامة والذين قرروا أن يثوروا ضد العملاء والخانعين والقتلة والمجرمين والفاسدين وأجهزة البلطجة والبلاطجة والشبيحة ودوائر المخابرات والقناصة والمرتزقة.

تكريم توكل اليوم من السيد ألفرد نوبل اعتراف بدور المرأة العربية الجديدة التي تصنع فجرا ومستقبلا لأمتها وتشق طريقا وعرة بين أكوام الخراب التي خلفها هؤلاء الطغاة في شرق البلاد وغربها، شمالها وجنوبها. وجائزة نوبل هذه صفعة حامية على جبين النظام الكالح الجاف القبيح الذي يوجه رصاصه لصدور أبناء اليمن الغر الميامين ولم يكتف بأكثر من 33 سنة حكم، خرب فيها البلاد وأذل العباد ونهب الثروات وفرق الناس إلى تجمعات قبلية وعرقية ودينية كي يسهل مهمة القبض على خناق الوطن، ثم أدخل أطياف الشعب اليمني في حروب داخلية وساوم على سيادة البلد حيث أعطى صكا لدول خارجية لملاحقة أبناء اليمن وقتلهم على أرض اليمن.

هذه الجائزة تكريم لكل نساء اليمن اللواتي صرخن في وجه الطاغية الأمي: إرحل إرحل. هذه الجائزة هدية لفتيات ميدان التحرير من الشهيدة سالي زهران إلى إسراء عبد الفتاح، المرشحة العربية الأخرى لنفس الجائزة، وأسماء محفوظ وأمينة الطنطاوية وزميلهن وائل غنيم المرشح الآخر لنيل الجائزة والآلاف الذين حولوا ميدان التحرير إلى موقع لميلاد مصر الجديدة المناضلة العائدة إلى أمتها بعد سنين الاغتراب . هذه الجائزة أيضا لك يا راضية نصرواي ولك يا لينا بن مهنا ، المرشحتين التونسيتين لنفس الجائزة، ولزميلاتكما المناضلات في الثورة التونسية العظيمة ولابن سيدي بوزيد الشهيد محمد بو العزيزي ونساء ورجال تونس الذي تسلحوا بأطواق الياسمين وأسقطواعصابة بن علي و ليلى والطرابلسي.

وهذه الجائزة لمناضلات الثورة الليبية من إيمان العبيدي وإسراء بن محمود وهدى أبو زيد إلى عائشة قدور وفاطمة بريدان وأمل بشير، وكل الشباب والشابات الذين طاردوا الطاغية وأولاده من بيت لبيت ومن شارع لشارع ومن زنقة لزنقة فولى هاربا كالجرذ يفتش عن دهليز أو جحر يختبئ فيه مع أوهامه التي يبدو أنه ما زال متمسكا بها.

وهذه الجائزة باقة من الورد تقدم للفتيات السوريات اللواتي يتحدين الرصاص والتعذيب والموت ويناضلن، كل واحدة بطريقتها، لوقف تقدم الجيش والمخابرات والشبيحة والأمن السري والعلني من المناضلة مي كساب إلى الحقوقية رزان زيتون إلى الشهيدة ليلى السرميني. إنها جائزة للشباب الذين يتحدون الموت ويخرجون في الليل والنهار رافعين شعارا واحدا تلتف حوله كل فئات الشعب: سوريا بدها حرية.

وهذه الجائزة اعتراف بالمرأة العربية المناضلة من عهود الاستعمار إلى عهود الطغاة من صفية زغلول في مصر إلى سناء المحيدلي في لبنان ومن دلال المغربي وليلى خالد في فلسطين، إلى جميلة بوحيرد في الجزائر. إنها هدية للمناضلات اللواتي عبدن الطريق نحو الثورة المباركة. من هدى شعراوي ونوال السعداوي إلى توجان الفيصل ولويزة حنون وأسيرات الحرية في سجون الاحتلال: غفران زامل وسنا عامر ودعاء الجيوسي ومريم أبو دقة وجيهان دحادحة وفاطمة الزق وصونا الراعي وغيرهن.

هذه الجائزة إقرار بأن المرأة العربية لم يعد دورها مقصورا على المطبخ وغرفة الولادة. لقد ساهم الربيع العربي في إعادة تأهيل المرأة لأخذ دورها الحقيقي في التنمية والبناء والنهضة والتطور والتقدم، كما ساهمت المرأة أيضا في صقل الربيع العربي وإعلاء الجانب الإنساني والاجتماعي والحضاري منه. لقد خرجت إلى الشارع لتشارك الزوج والأب والإبن والأخ والمعلم والموظف والتاجر والعالم والمبرمج والسائق في نسج خيوط فجر يكاد أن ينبلج من بقايا ليل يكاد أن يمّحي.

نتمنى أن تحرك هذه الجائزة العروق في بقية الشعوب العربية التي ما زالت تقرفص على السياج بانتظار انقشاع غبار االثورات في اليمن وسوريا. ونريد لهذه الجائزة أن تضخ عزيمة مضاعفة في نساء هذا الوطن لينزعن الصورة النمطية التي تصور المرأة العربية خانعة ساكنة طائعة وطيّعة ومهيضة الجناح التي كرسها المجتمع الذكوري والفكر المتمترس في مجاهل التاريخ الذي فصّـلوه على مقاس كراسيهم.

نتمنى لجائزة توكل أن تخترق الحدود الموصدة على ملايين النساء في بلدان مجاورة، محرومات حتى من حق قيادة السيارة أو المشي أو السفر بدون محرم حيث اختصرت الأنظمة المتخلفة والمسلحة بالفتاوى دور النساء على أن يكن كومة لحم فقط مغطاة بالسواد دون وجه أو أنف أو عينين أو عقل.

تحية للسيدة المناضلة توكل وتحية مماثلة لزوجها الفاضل محمد إسماعيل الذي وقف مساندا ومشجعا ولولاهذه العقلية المنفتحة والمتفتحة لما كنا نحتفل هذا اليوم بفوز توكل بهذه الجائزة الكبرى. تحية للشعب اليمني العظيم وهو يكتب الفصول الأخيرة في نهاية حكم هذا الطاغية الأبله الذي يصر أن يبقى هو وأولاده في السلطة حتى ولو على جثث الآلاف.

دعونا نفرح هذا اليوم مع الشعب اليمني ومع مناضلاته الماجدات. دعونا نفرح ليوم واحد على الأقل لهذا الانجاز الكبير قبل أن نستأنف المسيرات السلمية وحمل الشهداء إلى موائلهم الأخيرة في صباح الغد في تعز وحمص وسرت وصنعاء ودير الزور وبلد الوليد، حيث يصر هؤلاء الطغاة أن "يأخذوا حصتهم من دمنا قبل أن ينصرفوا"، أما نحن فلنا ما ليس يرضيهم "لنا المستقبل، ولنا في أرضنا ما نعمل"

عبد الحميد صيام*

* أستاذ جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك

No comments: