Tuesday, June 25, 2013

دلالات هامة وراء انسحاب الجنرال عمار 3


Guest contributor, Dr. Alaya Allani, is Professor of Contemporary History at Manouba University in Tunisia. His article, "Three Important Reasons behind the Resignation of General  Rashid Ammar" appeared in the Tunisian "al-Sabah News," on June 25, 2013.
أعلن أمس  الفريق الأول وقائد أركان الجيوش الثلاثة، رشيد عمار، أنه تقدّم بطلب كتابي إلى رئيس 
الجمهورية المنصف المرزوقي لإعفائه من الخدمة
وأضاف ،رشيد عمار ، أن رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي قبل الاستقالة.
وتعليقا على الموضوع ولقراءة مختلف جوانب ودلالات استقالة رشيد عمار وتصريحاته التي أدلى بها أمس على قناة التونسية، أوضح للـ"الصباح نيوز" علية العلاني  المحلل السياسي والخبير في التنظيمات الإسلامية أن إعلان رشيد عمار انسحابه من الحياة العسكرية كقائد للأركان له 3 دلالات  تتمثل الدلالة الأولى لاستقالة رشيد عمار في أنه ينوي التفرغ للحياة الخاصة بعد أن تجاوز سن التقاعد منذ 2006 كما جاء في تصريحه لكن في الكثير من الحالات نجد بعض الجنرالات ممن تجاوزوا سن التقاعد يواصلون  الخدمة العسكرية  إذا كانت أوضاع بلادهم تقتضي ذلك.
أماّ الدلالة الثانية فتتمثل في أن إصرار رشيد عمّار على التقاعد فيه رسالتان: الأولى أمنيّة عسكرية والثانية سياسية. فبالنسبة للرسالة  الأمنية العسكرية، أراد من خلالها رشيد عمار أن يُعبر عن تخوفه من "صوملة" تونس بعد أن أصبح للجهاديين قدم راسخة في البلاد في فترة معينة من خلال تخزينهم للأسلحة وتنظيمهم للتدريبات وتخطيطهم للانقضاض على الحكم ، ولكن الأمر المسكوت عنه في حوار رشيد عمار ليلة أمس على قناة التونسية هو،

 هل هناك أطراف ساهمت بسياستها الخاطئة في أن يصبح الجهاديون يشكلون خطرا على تونس؟ ومن كان يغض الطرف عن هؤلاء الجهاديين؟
وبالنسبة للرسالة السياسية، للاستقالة قال محدثنا أنها تتمثل في أن رشيد عمار ربما كان ينتظر تنحّيه إلى ما بعد الانتخابات القادمة إذ كان يتصور أن الأحزاب  التي أمضت على بيان بقائها في الحكم وفي المجلس الوطني التأسيسي  لمدة سنة واحدة ستلتزم بهذا الموقف ويصبح تنحّيه من أجل التقاعد تتويجا لحلمه في وضع تونس على سكة  الدول الديمقراطية بعد أن حماها من خطر السقوط في المجهول.
وفيما يتعلق بالدلالة الثالثة فتتمثل في أن رشيد عمار - وهو ما يُفهم من حواره-  أنه بدأ يفقد ثقته في الطبقة السياسية الحالية التي عجزت لحد الآن عن وضع خارطة طريق نهائية لتاريخ الانتخابات والدستور خاصة في ظل أخبار تتحدث عن مرحلة انتقالية  ثالثة ب3 سنوات ستُمدد من عمر الطبقة الحاكمة الحالية ذات المردود الضعيف والعاجزة عن لمّ شمل التونسيين حول مجتمع الديمقراطية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
وقد عبر رئيس الأركان الثلاثة عن مرارته من عدم الأخذ بمقترحه في إنشاء حكومة تكنوقراط إثر اغتيال شكري بلعيد والتي رفضها الغنوشي بقوة.
كما أن إصراره على التقاعد يُفهم منه كذلك أن مشوار الإصلاحات السياسية الحقيقة مازال طويلا وفي مقدمته دستور مدني لا يفتح مسالك للعودة إلى الاستبداد ويسعى إلى سن قوانين للوئام الوطني لا للعزل السياسي مما يجعل من الانتخابات القادمة حلما كالسراب ومن مؤسسات ديمقراطية مدنية ثابتة مطلبا صعب التحقيق في الفترة الحالية والأشهر القادمة.
ويرى العلاني من خلال تصريحه للـ"الصباح نيوز" أن إصرار رشيد عمار على التقاعد هو احتجاج على وجود انسدادات خطيرة تضع البلاد واقتصادها وديمقراطيتها الناشئة على حافة الخطر مؤكدا في نفس السياق أن رسالته موجهة بالأساس إلى الترويكا الحاكمة وفي مقدمتها حركة النهضة وكذلك إلى بعض الأحزاب التي بدأت تساوم على بعض المناصب قبل الانتخابات القادمة عوض الدفاع عن مشروع مجتمعي يقطع مع ما يُحضّر له من طرف بعض الأحزاب والتيارات الدينية لفرض نمط مجتمعي معين.
وذهب محدثنا إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر تقدّم عمار باستقالته ربما يكون كذلك نتيجة فهمه لغياب التناغم بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الحكومة حيث انطلق المشكل بينهما منذ تسليم البغدادي المحمودي  آخر رئيس وزراء في عهد القذافي إلى ليبيا وتواصل المشكل بين المؤسستين  حول مسألة  الدستور  وإبداء المنصف المرزوقي لرأيه حوله.
وإجمالا شدد العلاني على أن رشيد عمار نجح في إبلاغ تحذيره وأن المسألة  الآن  ليست في تنحّيه  أو تقلد شخص آخر للمسؤولية بدله بل في فهم الطبيعة السياسية للتحذير البليغ  الذي أطلقه رشيد  عمار
كما أفاد محدثنا أنه يمكن للشعب التونسي أن يطمئن لأن القيادات العسكرية السامية في تونس بعيدة إلى حد الآن عن التجاذبات السياسية والحزبية وهو ما يجب أن يقع التمسك به بقوة،
وذلك احتراما  لتقاليد المؤسسة العسكرية التونسية منذ ما يزيد عن نصف قرن وأكد العلاني أن القيادات العسكرية ستنجح في الاقتراح ثم الالتفاف حول خلف جديد لمنصب رشيد عمّار وأن التاريخ سيذكر لهؤلاء الرموز أياديهم البيضاء على الثورة التونسية .
    
وفيما يتعلق بإدلاء رشيد عمار لتصريح تلفزي باعتباره رئيسا لأركان الجيوش الثلاثة وكان من المفروض احترام واجب التحفظ، أوضح علية العلاني أن إدلاء رشيد عمار بجملة من المعلومات المفصلة تتجاوز المسؤولية العسكرية في التحفظ.
وأضاف أن تصريحه دليل على أنه مصّر على  التقاعد وعلى عدم الرجوع إلى المسؤولية العسكرية وقال محدثنا: أعتقد أن هناك الكثير الذي  لم يقله رشيد عمار وربما سيطّلع الناس عليه  من خلال مذكراته القادمة ويعتقد محدثنا أن رشيد عمار يصعب أن يدخل النشاط السياسي مستقبلا.
أميرة الدريدي
الصباح نيوز 25 جوان 2013
رابط المقال

No comments: