هل بدأ العد التنازلي لحكم الإخوان في بلدان الربيع
العربي؟: خبير في شؤون الجماعات الإسلامية يجب عبر "الصباح
نيوز"
نزل
أمس الأحد ملايين المصريين إلى شوارع القاهرة وعدد من محافظاتها
للمطالبة باستقالة الرئيس محمد مرسي وذلك تزامنا مع الذكرى الأولى لتوليه
السلطة مرددين شعار "ارحل" ورافعين أعلام مصر والبطاقات الحمراء استجابة
لدعوة حملة "تمرد" التي أعلنت أنها جمعت 22 مليون توقيع لسحب الثقة من
الرئيس واجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
"الصباح نيوز" أجرت
حوارا مع الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية ،أعليه العلاني، حول
مدى تأثير الوضع في مصر على تونس خاصة وان حركة "تمرد" تونس انطلقت منذ
أيام في جمع توقيعات من التونسيين للمطالبة بالتمرد على المجلس الوطني التأسيسي
وإسقاط الدستور إضافة إلى عدد من الوقفات الاحتجاجية التي تقودها منذ فترة
عدة
أحزاب
للمطالبة بعدم تمرير قانون تحصين الثورة وووصل الامر اليوم مبظاهرة أمام
المجلس الوطني التأسيسي وفوضى تحت قبته ومقاطعة مشروع
الدستور على اعتبار انه نسخة مخالفة للنظام الداخلي وتساءلنا في
حوارنا مع عليه العلاني حول إمكانية خروج الإخوان المسلمين من الحكم في دول الربيع
العربي وما مدى تأثير ما يحدث في مصر على تونس؟
هل
يحزم الإخوان حقائبهم؟
أوضح
العلاني ان المؤشرات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي ظهرت
خلال عام من حكم الإخوان في مصر وحوالي عامين من حكم الإخوان في تونس تؤكد أنها
تمهد لثورة تصحيحية. والرأي العام لم يعد يصدق فكرة المؤامرة التي يروج لها
الإخوان لأن القلوب بلغت الحناجر.
والعارفون
بخبايا السياسة الدولية تأكدوا أن الإخوان لا برنامج لهم سوى الشعارات، ولا
إستراتيجية لهم سوى البقاء أطول مدة في السلطة. والأمر المثير للانتباه كيف لحركة
عمرها 85 سنة (تأسست حركة الإخوان في 1928 على يد حسن البنا) تُضيّع معظم رصيدها
خلال سنة او سنتين. فالتعاطف الشعبي والاحترام الدولي لتيار الاخوان في العالم
العربي نزل بشكل مريع إن مرسي الذي أرغد وأزبد ضد المعارضة قبل 30
جوان 2013 نجده الآن يتوسل إليها بعد أن رأى نزول الشارع المصري ليس في
القاهرة فقط بل في كل المدن المصرية الهامة في مشهد احتجاجي ضد الإخوان لم يحصل أن
سبق بهذا الحجم ضد مبارك ويُسوّق جماعة الإخوان في مصر الشرعية على أنها صك
على بياض.
-هل التمسك بالشرعية يصبح ممكنا إذا كانت البلاد قادمة على خراب اقتصادي
وأمني؟
أفاد
العلاني في هذا السياق ان نفس الأخطاء التي ارتكبها مرسي
يرتكبها حاليا الغنوشي بدرجات متفاوتة في تونس فحركة النهضة ذات الأصول الإخوانية
لا تمتّ للإسلام المحلي بصلة.
هي
تريد أن تُصدّر لتونس فكرا ثار ضده الشعب المصري وإن حركة النهضة مع حلفائها
الموضوعيين وهي المتمسكة بقانون العزل السياسي وروابط حماية الثورة وتم
التنبيه في وقت سابق من أن ذلك سيفتح باب الفتنة في تونس الآمنة، فتونس لم
تكن مهددة منذ الاستقلال في وحدة شعبها مثلما هي الآن، وقد تحدّث الجنرال عمار عن
مخاطر الصوملة وما يمكن أن تجرّه من كوارث سياسية واقتصادية وأمنية.
وحسب
تعبير محدثنا فان حركة النهضة تحاول أن تقدم لنا دستورا لا يحمي الوحدة الوطنية،
ويحقق بصعوبة بالغة الدولة المدنية والديمقراطية. وأضاف أن حكومة النهضة
أغرقت البلاد في ديون (2,5 مليار اورو سنة 2013) دون أن تكون قروضا منتجة، وكبّلت
أجيالنا القادمة بقيود ستكون انعكاساتها سلبية على تشغيل أبنائنا، وعلى رفاه
المجتمع وحل معضلات الشباب في الحاضر والمستقبل ووصف سياستها بأنها سياسة فاشلة
وتتسم بقلة الخبرة.
لقد
صادق المصريون يوم 30 جوان 2013 على بيان سقوط الإخوان ومرسي. ولن تكون مصر
بعد 30 جوان مصر التي قبلها حتى وإن استغرق ذلك وقتا ولا أخاله طويلا.
فالإخوان الآن في طريق الانحدار من حيث الشعبية والأداء، وحتى حلفاؤهم من السلفيين
بدؤوا يضعون مسافة منهم على أمل أن يجد المصريون حلا توافقيا، وأحسن
حل للإخوان أن يشاركوا بشكل جزئي في السلطة لكي يتعلموا تصريف شؤون الحكم
ويتدربوا على الخطاب غير المزدوج، وأن يقوموا – وهذا هو الأهم – بثورة ثقافية
يزيلون فيها ظواهر الاستبداد المُغلّفة باسم الدين ويعتبرون الديمقراطية نظام حكم
مدني لا جسرا يعبرون عليه لينقضوا على الحرية والديمقراطية والحداثة. وأنصح
الإخوان في مصر بأن يتبرؤوا من اسم جمعيتهم ويغيروها باسم آخر لأن هذا الاسم سيبقى
كابوسا مرعبا لأجيال مصر الحالية والقادمة. وفي تونس، لقد سبق وأن نبّهنا مرارا أن
أخطاء النهضة القاتلة في المسائل السياسية (اغتيال شكري بلعيد والتمسك بقانون
العزل السياسي وروابط حماية الثورة) والأمنية (حوادث جبل الشعانبي وما قبلها)
ستكلف الاقتصاد والاستقرار الأمني كثيرا في تونس.
كما
لا أشك لحظة في أن مستقبل تونس الزاهر والحقيقي لن يُبنى مع احتكار الاسلاميين
للحكم، فحركة النهضة أجهضت كل حلم جميل في تونس الثورة، فلا هي حققت الكرامة
والشغل، ولا هي أمّنت الناس على أرزاقهم، ولا هي نجحت في استدراج رجال
الأعمال للاستثمار في بلدهم فكيف ستستدرج المستثمرين في الخارج؟
وأعتقد
أن تونس ستُقدم عاجلا أم آجلا على حركة تصحيح للثورة. لكننا نود أن يكون التصحيح
بمباركة من النهضة أي أن تُعلن هذه الأخيرة في أقرب وقت عن استعدادها للتخلي عن كل
القوانين الإقصائية وتقبل بما قدمه الخبراء من تنقيح بمشروع الدستور، وتترشح جزئيا
في الانتخابات القادمة حتى تكسب ما يلزم من الخبرة في تصريف شؤون الحكم
(الملاحظ أن عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة نصح في أحد حواراته حزبه بالبقاء
20 سنة في المعارضة لكي يتعلم شؤون الحكم وقيادة البلاد). لكن مع ذلك أؤمن أن
بإمكان النهضة أن تشارك جزئيا في الحكومة القادمة (حكومة ما بعد الانتخابات)
مشاركة محدودة. وأعتقد أن في هذه المشاركة المحدودة إبقاء على كيانها لأن الناخب
سوف يحسب ألف حساب عند التصويت في الانتخابات القادمة، لكن سترتكب حركة النهضة
أخطاء فادحة لو فكرت في إطالة المرحلة الانتقالية. وأنصحها كذلك أن تتخلص من كل
تبعية لفكر الإخوان وأن تصبح حزبا سياسيا مدنيا تونسيا دون تنصيص على مرجعية
إسلامية لأن هذه المرجعية مشترك عمومي بين كل التونسيين لا يجوز لأي حزب احتكارها.
وأعتقد أن أمام راشد الغنوشي فرصة تاريخية لإصلاح خطإ استراتيجي ارتكبه عندما رفض
بشدة مقترح حكومة التكنوقراط. وعليه أن يُقنع حزبه بتغيير جذري في استراتيجيته
للحكم، تغيير يقوم على مشاركة محدودة لحزبه في السلطة، وأن يبدأ قبل ذلك في تحديد
تاريخ نهائي للانتخابات.
حوار
أجرته أميرة الدريدي
الصباح
نيوز 01 جويلية 2013
الرابط
No comments:
Post a Comment